العتبة العباسية: مؤتمر دار الرسول الأعظم الدولي يهدف لإعادة كتابة السيرة النبوية في ضوء القرآن الكريم
موقع قسم الشؤون الفكرية والثقافية
2023-11-14
عضو مجلس إدارة العتبة العباسية المقدسة الدكتور عباس الددة الموسوي، أن مؤتمر دار الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، الدولي يهدف لإعادة كتابة السيرة النبوية في ضوء القرآن الكريم والصحيح من مرويات أهل البيت(عليهم السلام).
جاء ذلك في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثالث لدار الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، الذي يعقد تحت شعار (رَسُولٌ مِّنَ اللهِ يَتْلُواْ صُحُفًا مُّطَهَّرَةً) وبعنوان (السيرة النبوية في كتب التفسير).
وأدناه نصّ الكلمة:
إن الغاية الأظهر التي انبثقت عنها دارُ الرسول الأعظم في الْعَتَبَةِ اَلْعَبَّاسِيَّةِ اَلْمُقَدَّسَةِ، هي العمل على إعادة كتابة السيرة النبوية في ضوء القرآن الكريم والصحيح من مرويات أهل البيت(عليهم السلام)؛ وذلك مطمح تفوّه به المتولّي الشرعيّ للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، فتزاحم عند نبعه الورّاد، وترجموه - في هذه الدار- إلى واقعٍ عملي لعله يرقى إلى مستوى ذلك الطموح.
ومنذ ذلك الحين، والدارُ تسعى سعيها، تغيّرُ الجهات، وتنوع المشاغل ورشاً، وندوات، وإصدارات، ومؤتمرات، لن يكون آخرَها هذا المؤتمر الدولي الثالث الذي وسم بـ(السيرة النبوية في كتب التفسير).
ونشاط عقب آخر، وحلقة تلو أخرى إلى أن يستكمل -بإذن الله- حلقات غايته، ويسدّ مسداً، ويشيد بنياناً عملت على ثلمه معاول، فأرت البعض صورةً هي والحقيقة على طرفي نقيض، نعني بها الصورة القرآنية لشخصية النبي الأكرم محمد (صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين).
نعم فقد صنع التضليل التاريخي للحقائق صنيعه، ونهشت براثن الزيف والتدليس في صفحات السيرة فكان فيها ما كان، ولم تكن السيرة بمنجاة، ولم يكن مشرفها بمنأى، بل كانت أشد عرضة للوضع..
كما أن التاريخ الإسلامي طال الحقيقة فيه ما طالها في بعض السيرة من التزييف، فلم يسلم من الاختلاق تارةً، والتحريف والتشويه تارةً أخرى؛ بدوافع شتى، حمَلَها أولاً أُجَراءُ السلاطين، والمتّخذون إلى رضاهم الوسيلة، والتابعون إليهم بإغواء، ومن سال لعابُهم لإغراء بريق ذهبهم الذاهب، فتقاسمت صفحاته أهواء شتى، وأمزجة شتى، وضروباً من مذاهب وعقائد، حملت مطامح ومطامع، ومن قبل ذلك حكمها الترهيب والترغيب...
كلّ ذلك فعل فعله في الأوراق الصفراء، إذ فصل بعضها على مقاس السلطة، واصطبغت بسحنة السلطان، تقرباً لهؤلاء بإطرائهم بما ليس فيهم، وتزلّفاً لهؤلاء بالقدح فيمن ناصبهم.
فالتبس المشهد على كثير من اللاحقين فلم يتبينوا الخيط الأبيض من الأسود، ولم يميزوا الصالح من الطالح.
وإذا كان نبيّنا الأكرم(صلى الله عليه وآله)، قال: (كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكلّ ما سمع)، فقد كان شطراً من تاريخنا كذلك؛ إذ صاغ بعض صفحاته متلبّسٌ بزيّ الإسلام، لمآرب أخرى، فلم يكن له من بدّ سوى تشويه مبادئه، وتحريف قيمه، فراح يضع عن قصد آلاف الأحاديث التي يحرّم فيها الحلال ويحلّل فيها الحرام، وما هي إلا حفنة من سنين، حتى راحت تجول في أيدي الناس..
وكانوا إذا تراءَوا رأياً جعلوا له حديثاً!
وكلّنا قرأ في مدونة الخوارج، أن رجلاً منهم تاب ورجع، فطاف يقول: إن هذهِ الأحاديث دينٌ فانظروا عمّن تأخذون دينكم، إنا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً.
هذا عن الخوارج، وعند بعض الدواخل ما عند الخوارج، مع تباينٍ في الغايات واختلاف في الوسائل.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الله الذي حفظ لنا الذكر، حافظ فيه على صورة نبيّه ناصعةً نقية كما أراد لها بارئها أن تكون، لكن لعينٍ صحيحة وقلبٍ سليم.
وآخر الدلائل على ذلك أن كتباً خاضت مع الخائضين، مثل كتب الاستشراق: اتفقت الأخبار في نهاية مطافها على أنّ محمداً كان في الدرجة العليا من شرف النفس، على حدّ قولهم.
وبعد، فحريّ بالدار وأهلها، وقد أسّست لتنفض غبار السنين، وتعيد للصورة نقاءها القرآني، بعد أن تطاوَل عليها الجاحدون، وانتقص منها المُبطلون، وكاد لها الضالّون المُنحرفون.
ولتهنأ الدار، وأهلها إذ التمسوا درباً يبتغون فيه رضا الله وطاعته، فقد وكلوا بخِدمة النبيّ الأعظم، أقرب الخلق إلى الله وسيلةً، وأسمعهم لديه شفاعة.