باحث: شخصية الإمام زين العابدين (عليه السلام) استثنائية في بعديها القدسي والبشري
موقع قسم الشؤون الفكرية والثقافية
2024-07-05
أكّد السيد حسين الحكيم أن شخصية الإمام زين العابدين (عليه السلام) استثنائية في بعديها القدسيّ والبشريّ.
جاء ذلك خلال إلقائه بحث افتتاح مؤتمر الإمام السجاد(عليه السلام) العلمي الثاني ضمن فعّاليات أسبوع الإمامة الدولي.
وقال السيد الحكيم إن "الإمام زين العابدين(عليه السلام) في مختلف جوانب حياته، يمثّل مصداقاً أمثل لقوله تعالى (وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسنًا)، وهذه الآية قد تكون دالّة ولو بضميمة بعض النصوص الحديثية الواردة في تفسيرها وبيانها، دالّة على أن الموقف المبدئي العام من الناس بحسب ما يريده الشارع هو الموقف الإيجابيّ، (وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسنًا) وإن ما عدا ذلك من مواقف حازمة شرعية هي تمثّل التخصيص أو التقييد لا الإطلاق أو تمثّل الاستثناء".
وأضاف أن "شخصية الإمام زين العابدين(عليه السلام) هي من الشخصيات الاستثنائية بشكلٍ طبيعي، ليس فقط على مستوى بشريّ عموماً وإنّما حتّى على مستوى النخبة والصفوة الإنسانية الأولى، وهي الأنبياء والأوصياء ولا سيما أوصياء النبيّ(صلّى الله عليه وآله) الذين لهم مقامهم الاستثنائيّ عند الله عزّ وجلّ".
وتابع "هذه الشخصية فيها بُعدان بُعدٌ قدسيّ وبٌعدٌ بشريّ، البُعد القدسي هناك سبعون حديثاً بعضها تامّة السند ومشتركة الدلالة على هذا البُعد القدسيّ في شخصية النبي(صلّى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام)، وسأقرأ حديثين فقط من الكافي وسندهما تامّ، وهذا ليس إلا نموذجاً صغيراً من هذا الأمر: عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير، قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربّي) قال: خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، وهو مع الأئمّة وهو من الملكوت، وفي رواية أخرى عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربّي). قال: خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل لم يكن مع أحدٍ ممّن مضى غير محمد(صلّى الله عليه وآله) وهو مع الأئمّة يسدّدهم وليس كلّ ما طلب وجد".
ودعا السيد الحكيم الباحثين "أن يأخذوا أبعاد الشخصية بنظر الاعتبار، ولو أن الباحث يقول إني أريد أن أبحث عن مساحةٍ أخرى، لكن لا يكون تركيز البحث عن البُعد البشريّ للمعصومين ما يتحوّل إلى كأنه تهميش للبُعد القدسي، بنحوٍ يوحي بأن المعصومين(صلوات الله عليهم) ليسوا إلّا هم هذا العنصر البشري العادي"، مضيفاً "عندما أقول هذا عنصر بشريّ لا أقصد أن الآخر عنصر إلهي وإنما هو عنصر من لطف الله عزّ وجلّ، وأيضاً نأخذ بنظر الاعتبار أن هذا البعد البشريّ الاعتيادي عند هؤلاء الصفوة لم يكن بُعداً ضئيلاً ضعيفاً، ويعيشون في ربيع هذا البعد بحيث إنهم لم يتعرّضوا إلى محن وآلام، وشخصية الإمام زين العابدين نموذجٌ بارز في هذا الشأن؛ لأنّه ظُلِم أيّما ظلم وتحمّل أيّما تحمّل وعانى أيّما معاناة، وهذا المقام القدسيّ هو مقام يستحقّه من يستحقّه ممّن يصطفيه الله سبحانه وتعالى، لأنه هو أهل لذلك باختياره وبكرامته التي يستحقّها، والله سبحانه وتعالى حكمته شاملة وعلاقته مع خلقه هي علاقة الربّ مع المربوبين".
وأكمل السيد حسين الحكيم بحثه بالقول "في البُعد البشري نجد ظاهرة عجيبة واستثنائية في شخصية الإمام، وهي اجتماع أمرَينِ غريبَينِ ويحتاجان إلى تفسير وهذا التفسير يمثّل ثمرة البحث، الأمران هما أنه (عليه السلام) عاش ظروفاً غير طبيعية من المحن والعدوان على شخصه والجماعي على عائلته، وكذلك شعوره العالي بالمسؤولية وهو واضح في أدعيته (عليه السلام) في الصحيفة السجادية، أمّا الأمر الآخر هو هذه الشخصية الإيجابية المستقرّة الطيّبة المطمئنّة الودودة القويّة البعيدة عن التوتر عند الإمام زين العابدين(عليه السلام)".
وتساءل الحكيم "ما هي المناشئ لهذه القضية؟"، مؤكّداً أن "الأسباب عديدة منها الإيمان بالله والانتماء له، فهو (عليه السلام) يتنعّم ويترنّم بتعبيرات العبودية لله عزّ وجلّ، إضافة إلى الثقة التامة بالله تعالى".